في الآونة الأخيرة تداولت مواقع التواصل الاجتماعي خبر صدور حكم قضائي ضد محامٍ مرخصٍ بفسخ عقد الأتعاب لحضور محاميه متدربة في إحدى جلسات المرافعة، ونحن في هذه المقالة لن نناقش هذا الحكم؛ لأن لكل حكم قضائي ملابساته وظروفه الخاصة به، ولكن سيكون حديثنا حول مدى صحة فسخ عقد الأتعاب بسبب ترافع المحامي المتدرب نيابة عن المحامي المرخص.
وللإجابة على هذا السؤال لابد أن نوضح أن التسبيب المتداول للحكم القضائي الآنف الذكر يرجع إلى تفريط المحامي المرخص بتوكيله المحامي المتدرب لحضور جلسات المرافعة، ولذلك سيكون محور النقاش هنا: متى يعدّ حضور المحامي المتدرب نيابة عن المحامي المرخص تفريطًا يجيز فسخ عقد الأتعاب؟
قاعدة التفريط تحكمها مجموعة من الضوابط والشروط الشرعية والنظامية: منها ما ينتمي إلى الشروط الشرعية أو النظامية الواجبة التطبيق، ومنها ما ينتمي إلى الشروط الجعلية المتروكة لاختيار المتعاقدين.
أولًا: الشروط الشرعية والنظامية الواجبة التطبيق:
أ- الشروط الشرعية: وهي تلك الشروط التي ترجع إلى لخبرة والأمانة، فمتى ما ترافع في القضية شخص غير خبير -سواء محامٍ متدرب أم غيره- فسوف يضيع حق موكله بسبب التفريط في النظر إلى النصوص والقواعد الشرعية والنظامية ونصوص الفقهاء الأساسية في المسألة، ومثال ذلك: الوكالة في قضايا الإرث بدون معرفة الأنصبة وحقوق التركة فهذا تفريط واضح، وكذلك متى ما ترافع في القضية شخص أخل بالأمانة كالتقصير في دراسة القضية أو الإهمال والتأخير في حضور الجلسات القضائية فهذا أيضًا تفريط واضح.
ب- الشروط النظامية: والمقصود بها معرفة المواد النظامية التي أوجبت ترافع المحامي المرخص ومنعت من ترافع المحامي المتدرب، ومن الأمثلة على المواد النظامية في هذا الشأن ما تضمنه نظام المحاكم التجارية ولائحته التنفيذية:
- المادة ٥١: (يجب أن يكون رفع جميع الدعاوى التي تختص بنظرها المحكمة وجميع طلبات الاستئناف من محام).
- المادة ٥٢: (يجب أن يكون رفع طلب النقض أو التماس إعادة النظر من محامٍ).
المادة ٥٣: (يجب أن يكون الترافع أمام الدوائر الابتدائية ودوائر الاستئناف من محامٍ، في الدعاوى الآتية المنصوص عليها في المادة 16 من النظام: ١- المنازعات التي تنشأ بين التجار بسبب أعمالهم التجارية الأصلية أو التبعية. ٢- الدعاوى المقامة على التاجر في منازعات العقود التجارية، متى كانت قيمة المطالبة الأصلية في الدعوى تزيد على مئة ألف ريال، وللمجلس عند الاقتضاء زيادة هذه القيمة. ٣- دعاوى التعويض عن الأضرار الناشئة عن دعوى سبق نظرها من المحكمة ٤- الدعاوى والطلبات المتعلقة بالحارس القضائي والأمين والمصفين والخبير المعينين ونحوهم؛
- متى كان النزاع متعلقاً بدعوى تختص بنظرها المحكمة. متى كانت قيمة المطالبة الأصلية تزيد على عشرة ملايين ريال. ومتى كانت قيمة المطالبة الاصلية تزيد على مليوني ريال في الدعاوى المنصوص عليها اضا في المادة 16: ١- منازعات الشركاء في شركة المضاربة. ٢- الدعاوى والمخالفات الناشئة عن تطبيق أحكام نظام الشركات. ٣- الدعاوى والمخالفات الناشئة عن تطبيق أنظمة الملكية الفكرية. ٤- الدعاوى والمخالفات الناشئة عن تطبيق الأنظمة التجارية الأخرى. متى كانت قيمة المطالبة الأصلية تزيد على مليوني ريال. والدعاوى المنصوص عليها في الفقرة (٥) من المادة السادسة عشر من النظام، متى كانت الدعوى تتعلق بطلب افتتاح إجراء إعادة تنظيم مالي).
- المادة ٥٤: (في جميع الأحوال يجب أن تكون المرافعة وتقديم أي مذكرات لدى الدائرة التجارية في المحكمة العليا من محام.)
ثانيًا: الشروط الجعلية المتروكة لاختيار المتعاقدين:
جاء في الحديث الصحيح: (المسلمون على شروطهم إلا شرطًا حرم حلالًا أو شرطًا أحل حرامًا) رواه الترمذي وصححه، فلو اشترط الموكل على المحامي المرخص أن يتولى الترافع بنفسه ثم حضر محامٍ متدربٍ إحدى الجلسات نيابة عن المحامي المرخص فهو هنا قد أخل بالشرط ووقع في التفريط الواضح الذي يجيز للموكل فسخ عقد الأتعاب، بخلاف ما لو نص المحامي المرخص في عقد الأتعاب على أن له أن يوكل غيره فسكت الموكل عن ذلك فههنا لا يحق للموكل فسخ عقد الأتعاب بحجة التفريط.